قيس سعيّد يأمر بحلول عاجلة لأزمة قابس البيئية والفساد في المجمع الكيميائي

تدخّل رئاسي عاجل لإنقاذ قابس من الكارثة البيئية
استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد يوم السبت 6 ديسمبر 2025 بقصر قرطاج، أعضاء الفريق المكلّف بإيجاد حلول عاجلة للوضع البيئي المتأزّم في مدينة قابس. وتناولت الجلسة جملة من الحلول الآنية والاستراتيجية لوضع حدّ نهائي لكارثة التلوّث التي يعاني منها أهالي المدينة منذ عقود، والتي تفاقمت حدّتها في الأشهر الأخيرة.
وأكّد الرئيس خلال اللقاء أنه يتابع الوضع يوميًا ويُثمّن الوعي الوطني العميق الذي أبداه سكان قابس في مواجهة هذا الملف الحسّاس. وشدّد قيس سعيّد على ضرورة أن تندرج هذه الحلول في إطار رؤية استراتيجية شاملة للأوضاع البيئية في كافة أنحاء الجمهورية، وليس فقط معالجة ظرفية لمدينة قابس.
ودعا الرئيس جميع الأطراف إلى التسلّح بروح الجندي المقاتل على جبهة القتال، وتغليب المصلحة العليا للوطن على كل الاعتبارات الأخرى.
فضح ملفات الفساد والانتدابات العشوائية
في سياق متصل، كشف رئيس الدولة عن جذور الأزمة البيئية في قابس، مُحمّلاً مسؤوليتها للفساد المستشري والإهمال المتعمّد طوال السنوات الماضية. وذكّر الرئيس أن الوضع لم يكن ليصل إلى هذا المستوى الكارثي لو تمت الصيانة الدورية وتجديد المعدّات في الأوقات المناسبة، بدلاً من الانتدابات العشوائية التي تمت لاعتبارات سياسية وليست علمية.
كما فضح الرئيس ظاهرة احتكار طلبات العروض الخاصة بتركيب العازل داخل آلات الإنتاج بالمجمع الكيميائي، حيث تفوز نفس المؤسسة بالعرض في كل مرة، ثم تتعطّل المعدات من جديد بعد فترة قصيرة. وأشار إلى أن هذه الممارسات تشكّل أحد أبرز مظاهر الفساد التي أضرّت بالمجمع وبصحة الأهالي وبالبيئة بشكل عام.
محاولات التفويت في المجمع الكيميائي
وذكّر قيس سعيّد بالنيّة التي كانت تتّجه في السابق إلى التفويت في المجمع الكيميائي وفي كلّ المؤسسات والمنشآت العمومية، في إطار سياسة الخصخصة التي كانت مدعومة من قوى خارجية ومحلية. وأكد أن هذه المحاولات كانت تهدف إلى تسليم الثروات الوطنية لجهات خاصة، دون اعتبار للمصلحة العليا للبلاد أو لصحة المواطنين.
أبعاد الأزمة البيئية والصحية في قابس
تعاني مدينة قابس منذ عقود من تلوّث بيئي خطير ناتج عن نشاط المجمع الكيميائي، والذي يُنتج الأسمدة الفوسفاتية والفوسفوجيبس. وقد تسبّب هذا التلوّث في تفشي أمراض خطيرة بين السكان، أبرزها السرطان وهشاشة العظام والأمراض التنفسية المزمنة. كما أدّى إلى تلويث الهواء والبحر والتربة والمائدة المائية، ما أثّر سلبًا على الفلاحة والصيد البحري وجودة الحياة بشكل عام.
وشهدت المدينة في الأيام الأخيرة تصاعدًا كبيرًا في حالات الاختناق الجماعي، ما دفع الأهالي إلى تنظيم احتجاجات شعبية للمطالبة بالإيقاف الفوري لنشاط المجمع وإيجاد حلول جذرية. وقد لاقت هذه الاحتجاجات دعمًا واسعًا من مختلف الأطراف الوطنية، كما استجاب لها رئيس الجمهورية بتشكيل فريق متخصص لدراسة الملف وإيجاد حلول عاجلة.
الحلول المقترحة من المختصين
طرح عدد من المختصين في البيئة والطاقة حلولاً تقنية لمعالجة الوضع في قابس، من بينها إقامة محطة معالجة كيميائية بجانب المجمع باستخدام الجير والصودا لإزالة الملوثات، وترشيح الفوسفوجيبس في ماء خاص لتخفيض درجة تلوثه. كما اقترحوا تركيز محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي للحد من المياه الملوثة التي تُصرَّف في البحر، بالإضافة إلى إجراء صيانة دورية للمعدات وتحديثها بشكل مستمر.
وأكّد هؤلاء المختصون أن المشكلة لا تكمن في الأهمية الاقتصادية للمجمع، بل في سوء التصرف وغياب آليات الصيانة والمراقبة البيئية الفعّالة. ودعوا إلى تبني مقاربة متوازنة تجمع بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية، بما يحفظ حق المواطنين في بيئة سليمة دون المساس بالموارد الاقتصادية للبلاد.
جدول مقارنة: أبرز مظاهر الأزمة البيئية في قابس
| المجال | التأثيرات | الحلول المقترحة |
|---|---|---|
| الهواء | انبعاثات سامة، اختناقات جماعية، أمراض تنفسية | تركيب فلاتر حديثة، صيانة دورية |
| المياه | تلوث البحر والمائدة المائية، تسمم الأسماك | محطات معالجة الصرف الصحي، ترشيح الفوسفوجيبس |
| الصحة | ارتفاع نسبة السرطان، هشاشة العظام | مراقبة صحية مستمرة، تعويضات للمتضررين |
| الاقتصاد | تراجع الفلاحة والصيد البحري | استثمارات في التكنولوجيا النظيفة |
تعليمات رئاسية بإعداد التقرير النهائي والشروع في الإجراءات
أسدى رئيس الجمهورية تعليماته الصارمة بدعم أعضاء الفريق المكلّف بإيجاد الحلول، وطالب بالانتهاء خلال الأيام القادمة من إعداد التقرير النهائي والشروع الفوري في الإجراءات الكفيلة بمعالجة الوضع البيئي في قابس. وأكد أن الوضع لا يمكن أن يستمر على هذا الحال، مشدّدًا على الحق المشروع للشعب التونسي في بيئة سليمة خالية من كل أشكال التلوث.
كما دعا الرئيس إلى تفويت الفرصة على المتربّصين بتونس، مؤكدًا أن البلاد لن تكون لقمة سائغة لأي كان وفي أي موقع كان. وحثّ جميع المسؤولين على الالتزام بالانضباط والمسؤولية، وتحمّل الأمانة الوطنية في حماية صحة المواطنين وحقوقهم البيئية.
متابعة برلمانية للأزمة
من جهته، أعلن مجلس نواب الشعب عن تخصيص جلسة خاصة لبحث الأزمة البيئية في قابس، حيث تضمّن جدول الأعمال حوارًا موسّعًا حول الأوضاع في الجهة والحلول المطروحة. ويأتي هذا التحرك البرلماني في إطار التنسيق بين السلطات الثلاث لإيجاد حلول دائمة ومستدامة لهذه الأزمة التي تهدّد صحة وحياة آلاف المواطنين.
روابط ذات صلة
روابط داخلية (tunimedia.tn)
روابط خارجية
- منظمة الصحة العالمية – الآثار الصحية للتلوث البيئي
- برنامج الأمم المتحدة للبيئة
- الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة
- موقع الصباح نيوز
خاتمة
يُمثّل التدخل الرئاسي العاجل في ملف قابس البيئي خطوة مهمّة نحو إنهاء معاناة الأهالي من التلوث والأمراض التي استمرت عقودًا. ويبقى التحدي الأكبر في تنفيذ الحلول المقترحة بشكل فعّال وسريع، مع محاسبة المتورطين في ملفات الفساد التي أوصلت الوضع إلى هذا المستوى الخطير.
لمتابعة كل جديد حول هذا الملف وغيره من الأخبار الوطنية، زوروا موقعنا الرسمي: https://www.tunimedia.tn/ar



