free page hit counter
تونسوطنية

وحشية تفوق الخيال أسفرت عن موت الشهيد رشيد الشماخي

اختطفوه من منزل شقيقته.. جوّعوه وعذبوه 3 أيام بلياليها تشريح طبي غير قانوني.. شهادة طبية مغلوطة ومحاولة تمويه أمنية
ومن المنتظر ان تشمل التحريات كلا من الرئيس السابق زين العابدين بن علي ووزير داخليته الاسبق عبدالله القلال ومدير الأمن الوطني في تلك الفترة محمد علي القنزوعي ورئيس وأعوان فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل.
وكان المحامي نبيل اللباسي تقدم مؤخرا إلى وكيل الجمهورية بقرمبالية نيابة عن عائلة الشهيد رشيد الشماخي التي تطلب كشف حقيقة هلاك ابنها تحت التعذيب بمركز فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل عام 1991
معتمدا على عدد من شهادات بعض المنظمات الحقوقية والدولية وشهادات رفاق الشهيد بسجن الإيقاف وعلى ما تم استخلاصه من طرف رئيس اللجنة العليا لحقوق الانسان والحريات الاساسية سابقا رشيد ادريس الذي قام بالتحقيق في بعض الوفيات التي حصلت داخل المقرات الأمنية بداية التسعينات من القرن الماضي، و كوّن لجنة لتقصي الحقائق خلصت إلى أنّ هناك وفيات مشبوهة قد تكون وقعت تحت التعذيب.
ورغم الإذن خلال عهد المخلوع بمتابعة المسألة والبحث فيها إلا ان كل التحقيقات طويت واندثرت اللجنة وظل الغموض يحف بملابسات مصرع الشهيد الشماخي إلى ان أثار الأستاذ اللباسي مجددا القضية لتأذن السلط القضائية بقرمبالية أخيرا بفتح تحقيق فيها بعد أكثر من عشرين سنة مرت كلها في طعم العلقم لعائلة الشهيد التي تنام وتصحو على كوابيس تعذيب ابنها وبقاء القتلة طلقاء.

تهديد ومداهمات

وكشفت المعطيات التي تحصلت عليها”الصباح” أن عائلة الشماخي تعرضت في بداية التسعينات لشتى أنواع الضغط والتهديد والابتزاز ولمختلف التجاوزات والخروقات القانونية كما تعرض محل سكناها الكائن بمدينة سليمان للعديد من المداهمات الليلية العنيفة والهمجية من طرف أعوان الأمن للتفتيش عن ابنها رشيد دون أدنى إذن ولا ترخيص قانوني.
وفي ليلة 22 أكتوبر 1991 تسللت مجموعة كبيرة من أعوان الشرطة إلى الطابق العلوي للمنزل بواسطة التسور حيث مقر سكن رشيد الشماخي دون أن يتفطن لهم بقية أفراد العائلة ولما لم يعثروا عليه قاموا ببعثرة كامل أغراضه وأثاثه ثم نزلوا للطابق السفلي خلسة حيث فاجأوا كل أفراد العائلة الذين اكتشفوا أنهم بين مجموعة كبيرة من أعوان أمن ولجوا غرف نومهم دون استئذان من بينهم رئيس مركز الأمن الوطني بسليمان في تلك الفترة وقاموا بعمليات البحث والتفتيش ثم استجوبوا أفراد العائلة، تحت التهديد والإهانة وفي الليلة الفاصلة بين 23 و24 أكتوبر 1991 أي الليلة الموالية اقتحم أعوان فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل ، منزل العائلة مجددا وصعد اثنان منهم إلى الطابق العلوي حيث أخرجوا زوجة الشهيد منية الجويني من غرفتها بالقوة وهي العروس التي لم يمض على زواجها سوى شهرين ونصف فيما سرق بعض الأعوان مصوغا وأموالا لأفراد العائلة وأشهر أحدهم سلاحه مدعيا أن بن علي سلمه له شخصيا ليقتل به رشيد ووضع فوهة المسدس على رأس أم الشهيد المرحومة فطّومة الشمّاخي وهددها بالقتل إن لم تخبره بمكان ابنها كما هدد عون ثان أم الشهيد بقطع رأسها.

“اختطاف” الزوجة والقبض على الزوج

أرغم الأعوان بالقوة زوجة الشهيد بعد ان توعدوا بقية أفراد العائلة على ركوب إحدى سياراتهم الراسية أمام المنزل ودفعوا أخت الشهيد وسيلة بعنف لما حاولت مرافقة زوجة أخيها وصعود السيارة معها وأسقطوها أرضا، وقد اقتيدت الزوجة إلى مركز الحرس الوطني بسليمان حيث وقع تهديدها بالاعتداء على شرفها وبإذاقتها أبشع أنواع العذاب وإيداعها السجن وبحرمانها من كامل حقوقها في الشغل والتنقل ثم اصطحبوها في رحلة عذاب طويلة طوال الليل لتكشف لهم عن مقرات شقيقات رشيد وأقاربه بين سليمان ومرناق وتونس العاصمة التي اقتحموها شاهرين أسلحتهم بحثا عن رشيد إلى ان تمكنوا من إلقاء القبض عليه حوالي الساعة السادسة صباحا من يوم 24 أكتوبر 1991، فضربوه وشدوا وثاقه وغطوا وجهه بقميص ثم حملوه في سيارة إلى مركز فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل وكانوا كلما مروا بمركز للأمن إلا وأنزلوه وضربوه بوحشية.

وحشية لا مثيل لها

وصل رشيد الشماخي إلى مقر فرقة الأبحاث والتفتيش بمنطقة الحرس الوطني بنابل صباح يوم 24 أكتوبر 1991 حيث كان رئيس الفرقة (برتبة نقيب) يشرف كل صباح على تنظيم ومتابعة حصص التعذيب اليومي المتمثلة في التعليق على شاكلة (الروتي) والضرب على كامل أطراف الجسد وإدخال القضبان الحديدية في الشرج واستهداف الأعضاء التناسلية والضرب على عظم الساق والركبتين وعلى أظافر الساقين واليدين والتعليق من رجلٍ واحدة بسلسلة حديدية والتعليق من الخلف بحبلين (اليد اليمنى والرجل اليسرى) بين نافذة المكتب والعارضة العلوية للباب المقابل وغيرها من الأساليب الوحشية، وقد بدأت عملية تعذيب الشهيد رشيد الشماخي منذ وصوله إلى المقر الأمني ودون توجيه أي أسئلة له، إذ كانت النية منصبة على الانتقام والقتل وجعله عبرة للآخرين بتعذيبه بشكل وحشي أمام بقية الموقوفين ولم يكن للاستجواب وهو ما تؤكده شهادة الموقوف حينها كمال الحميدي التي ذكر فيها أنه سمع رئيس الفرقة يقول للأعوان منذ أن جلب رشيد أقتلوه، وهو ما حصل فعلا إذ جُرّد رشيد من جميع ملابسه وعُلّق عاريا على طريقة”الروتي” وبدأ أحدهم بضربه بكل عنف على مؤخرته بواسطة عصا غليظة دبوس وكان عون ثان يضربه في نفس الوقت على رأسه قبل أن يتناوب على ضربه وتعذيبه عديد الأعوان، حتى انسلخ جلده ولم يعد يحتمل حتى الوقوف على رجليه ثم اقتيد الشهيد في مساء نفس اليوم إلى روضة البلدية الكائنة بحي غرة جوان بسليمان للبحث عن أسلحة مزعومة، ولما لم يقع العثور على أي سلاح نقلوه إلى مركز لتربية النحل على ملك العائلة بمنطقة الشريفات، وهناك أيضا لم يعثروا على أسلحة أثبتت كل التحريات المختلفة فيما بعد أنه لا وجود لها أصلا فيما أشار البعض إلى أن هذه المعطيات الكاذبة كانت صادرة من الرئاسة رأسا، التي أعطت التعليمات باستعمال كل الوسائل للحصول على اعترافات.

تعذيب أمام الملإ

وتضمنت الشكاية المرفوعة لدى السلط القضائية بقرمبالية أن العديد من متساكني مدينة سليمان كانوا شهودا على عملية إحضار الشهيد رشيد الشماخي مكبلا بالأغلال من يديه ورجليه، حافي القدمين وآثار التعذيب بادية عليه والدماء تسيل على وجهه كما لاحظ بعض المارة آثار الدم في السيارة التي أحضر فيها، وكيف كان يضرب بوحشية على رؤوس الملإ والدم يسيل من فمه وأنفه ليدل الأعوان على مكان إخفاء الأسلحة المزعومة وعندما تيقنوا من عدم وجودها كانت رغبتهم في التشفي من رشيد الشماخي رهيبة فأعادوه إلى مقر فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل حيث مارسوا عليه أساليب تعذيب وحشية(نعتذر عن نشرها) وكان الشهيد ينادي بما بقي له من قوة وصوت خافت ارحموني، ارحموني وكان الأعوان يردون كي تموت،،، لن نفك قيدك ولن نتوقف عن تعذيبك فضلا عن السب والشتم ومزيد التعذيب.

التعذيب حتى الموت

شهد كل الموقوفين الحاضرين بمقر الفرقة الأمنية أن الشهيد تحامل على نفسه في الليلة الفاصلة بين يومي 26 و27 أكتوبر 1991 للذهاب إلى المرحاض، وقد التمس من أحد الأعوان فك قيده لقضاء حاجته فأشار عليه بكل حدة وتشفي بقضاء حاجته على تلك الحالة، وبمجرد دخوله فقد توازنه وأطلق صوتا مثل الشخير وسقط على وجهه، فهرع إليه بعض الموقوفين بمعية العون وأجلسوه على ركبتيه وكان ينتفض شخيرا ثم أخرجوه إلى السقيفة عند مدخل المقر الأمني بعد أن ستروه ب”زاورة” وحاولوا إعطاءه بعض الحليب خصوصا أنه لم يأكل ولم يشرب منذ يومين لكن دون جدوى وحاول أحد الموقوفين تدليك قلبه محاولا إنعاشه وحين أدرك الأعوان أن حالته الصحية خطيرة جدا وضعوه في لحاف وحملوه إلى المستشفى حيث فارق الحياة بعد دقائق معدودات.assabah_%d8%a7%d9%84%d8%b4%d9%87%d9%8a%d8%af-%d8%b1%d8%b4%d9%8a%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d9%85%d8%a7%d8%ae%d9%8a

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى