free page hit counter
تونسوطنية

مشروع قانون زجر الاعتداء على القوات المسلحة: تضييقات خطيرة على حق المواطن في المعلومة وروح زجرية مبالغ فيها

وأخيرا وصل إلى مكتب مجلس نواب الشعب مشروع القانون الذي يثير الآن جدلا كبيرا حتى قبل عرضه على لجنة التشريع العام لمناقشته وعلى لجنتي الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية

ولجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح لإبداء الرأي والاستشارة.
إن الذي يطلع على الفصول العشرين لمشروع القانون هذا لا يمكنه ألا يصاب ببعض الذهول من شدة زجريتها ومن استعمال ألفاظ فضفاضة ستؤدي، حتما، إلى حدّ كبير من حرية الإعلام خاصة…

الباب الثاني والمعنون بـ«الاعتداء على أسرار الأمن الوطني» قد أقحم في هذا المشروع مسائل جد خلافية ونبرة زجرية نعتقد أن مرورها بهذه الصيغ سيمثل حتما مسّا واضحا وصريحا بحرية الإعلام.. فالمشروع يعرف «السرّ الأمني» باعتباره «جميع المعلومات والمعطيات والوثائق المتعلقة بالأمن الوطني» فنحن هنا أمام تعريف فضفاض يوسع من دائرة الأسرار المتعلقة بالأمن الوطني.. فنحن هنا لا نتحدث عن وثائق أمنية رسمية متعلقة بنشاطات أمنية معلومة ومختومة بطابع السرية بل عن «جميع المعلومات والمعطيات والوثائق» ويعاقب الأمنيون الذين يفشون أو يتلفون أو يتصرفون في هذه المعلومات والمعطيات.. بعقوبة تصل إلى 10 سنوات سجنا بموجب الفصل الخامس أما غيرهم – وهنا بالخصوص الإعلاميين – فكذلك هم معرضون إلى عقوبات تصل إلى حدّ 10 سنوات سجنا حتى لمجرد الاطلاع على هذه «الأسرار الأمنية» أو تداولها كما يبين ذلك الفصل السادس من هذا المشروع..

إن هذه التوسعة في تعريف «السر الأمني» منافية لمبدإ دستوري ضبطه الفصل 32 من دستور تونس والذي ينص على أن الدولة تضمن «الحق في الإعلام والحق في النفاذ إلى المعلومة»
يمكن أن نتفهم حماية الوثائق الأمنية من كل تلك التسريبات التي أصابتها ولكن «المعلومات» والمعطيات لا تدخل ضمن «الوثائق الأمنية» والقاعدة القانونية المعروفة أنه في مجال الزجر، كما هو الحال هنا، لا بد من تحديد دقيق للفعل المجرّم ولمضمونه أما هذا المشروع فهو يجرّم، بداية، جزءا من العمل الصحفي ولا يمكن القبول به على هذه الشاكلة.

ثم إن ننسى فلا ننسى أن من شروط الانتقال الديمقراطي هو شفافية المؤسسات بما في ذلك المؤسسات الأمنية دون أن يعني ذلك كشف كل ما تقوم به خاصة على المستوى الاستعلاماتي أو الميداني ولكن هذا الإطلاق وهذه الأحكام القاسية للغاية – حتى لو قصرنا نظرنا فقط على الوثائق الأمنية الحساسة – فهذا فيه عودة بكل وضوح لقبضة أمنية لا مبرر لها اليوم في تونس..

ولا يكتفي هذا المشروع بكل هذا بل يضيف عليه تضييقا قويا على العمل الإعلامي فيما أسماه بمواقع العمليات الأمنية والعسكرية في فصله السابع بطلبه «الترخيص المسبق» وأن من «تعمد مخالفة أحكام الفصل 7» يعرض نفسه لعقوبة بالسجن من شهرين إلى سنتين..

المعمول به في كل بلاد العالم الديمقراطي أن القوات الأمنية والعسكرية تضع محيطا للعملية الأمنية لا يجوز لأحد تجاوزه ولكن الإعلامي المعتمد بإمكانه الاشتغال دون ترخيص مسبق من أحد خارج هذا المحيط ولا نرى صراحة ما هي الفائدة العملية التي ستجنيها القوات الأمنية والعسكرية من هذا التضييق الإضافي على عمل الإعلاميين..

تتواصل النبرة الزجرية في الباب الثالث ونرى عقوبات قاسية للغاية لما اعتبر «جرائم» في تعريفات قابلة لكل تأويل من ذلك الفصل 12 الذي يعاقب بالسجن مدة عامين «كل من تعمّد تحقير القوات المسلحة بقصد الإضرار بالأمن العام»

وتتواصل العقوبات الزجرية إلى أبعد حد في بقية الفصول فنجد، مثلا، في الفصل 14 عقوبة بعشر سنوات كاملة لكل من «شارك، ضمن جمع غير مسلح، في الاعتداء على مقرات تابعة للقوات المسلحة أو أماكن احتفاظ أو إيقاف أو سجن (…)» ونذكر هنا بأننا أمام جمع غير مسلح.. والعقوبة تضاعف، أي تكون بـ 20 سنة لا لمن حمل أي صنف من أصناف السلاح بل لو «كان» ضمن الجمع من يحمل سلاحا ظاهرا أو خفيا»

ونفس هذه الروح الزجرية تُرى في الباب الرابع والمهتم بالاعتداء على أعوان القوات المسلحة وذويهم ومحل سكناهم ووسائل نقلهم.

لسنا ندري كيف صيغ هذا المشروع وما هي الرسالة التي أرادت الحكومة تبليغها إلى الرأي العام الوطني والدولي من خلاله.. فنحن – كما جل التونسيين – ندين وبكل شدة كل اعتداء من أي صنف كان على قواتنا المسلحة ونعتقد دون مواربة أن الجهد الوطني لمحاربة الإرهاب يقتضي قوانين حامية لكل أسلاكنا المسلحة ولعائلاتهم ومساكنهم ووسائل نقلهم كذلك ولكن ليس إلى هذا الحد كما أن التنصيص في الفصل 18 على أن عون القوات المسلحة لا يتحمل أية مسؤولية جزائية عند دفعه لأحد هذه الاعتداءات «في إصابة المعتدي أو في موته» لا يخدم بالمرة التوازن المطلوب بين واجب حماية الأمني وواجب ضمان حقوق المواطن حتى لو كان معتديا..

أن تكون في القوانين الحامية للأمنيين جوانب زجرية فهذا ما لا يناقش فيه أحد أما بهذه الصيغة وبهذه الإطلاقية وبهذا الاتساع فذلك مهدد، لا شك عندنا، للحقوق وللحريات ويمكن أن يصبح مدخلا قانونيا للتشريع للدولة البوليسية ونحن نعلم جيدا أن حكام البلاد الجدد والوزراء المعنيين بهذه الأسلاك لا يريدون هذا للبلاد..
مشروع للمراجعة بصفة جذرية روحا ونصّا..

مشروع قانون يتعلق بزجر الاعتداء على القوات المسلحة

الباب الأول
أحكام عامة

الفصل الأول:

يهدف هذا القانون إلى حماية أعوان القوات المسلحة من الاعتداءات التي تهدد سلامتهم وحياتهم وذلك ضمانا لاستقرار المجتمع بأسره.
كما يهدف هذا القانون إلى زجر الاعتداء على المقرات والمنشآت والتجهيزات الموضوعة تحت تصرفهم أو حمايتهم أو رقابتهم وإلى زجر الاعتداء على أسرار الأمن الوطني.

الفصل 2:

يقصد بأعوان القوات المسلحة على معنى هذا القانون الأعوان الحاملين للسلاح والتابعين للقوات المسلحة العسكرية وقوات الأمن الداخلي والديوانة.

الفصل 3:

تتولى الدولة حماية الأعوان المشار إليهم بالفصل الأول من هذا القانون من الاعتداءات والتهديدات التي يتعرضون لها أثناء مباشرتهم لوظيفتهم أو بمناسبتها.
كما تتولى حماية محال سكناهم ووسائل تنقلهم من الاعتداءات إما بسبب أدائهم لمهامهم أو لمجرد صفتهم وتنسحب هذه الحماية على أزواجهم وأصولهم وأبنائهم ومن هم في كفالتهم قانونا.

الباب الثاني
الاعتداء على أسرار الأمن الوطني

الفصل 4:

يعتبر سرا من أسرار الأمن الوطني على معنى هذا القانون جميع المعلومات والمعطيات والوثائق المتعلقة بالأمن الوطني مهما كانت الوسائل المعتمدة لاستعمالها ومسكها وحفظها وتداولها والتي يجب أن لا تكون معلومة إلا ممن له الصفة في استعمالها أو مسكها أو تداولها أو حفظها.

الفصل 5:

يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام وبخطية قدرها خمسون ألف دينار كل شخص له الصفة في استعمال أو مسك أو تداول أو حفظ سر من أسرار الأمن الوطني على معنى الفصل 4 من هذا القانون، تعمد حسب الحال إما اختلاسه أو إتلافه أو إفشاءه أو تغييره بأي وجه كان ومهما كانت الوسيلة أو مكن الغير عمدا أو عن تقصير من النفاذ إليه أو إتلافه أو الاستيلاء عليه أو اختلاسه أو نسخه بأي وجه كان ومهما كانت الوسيلة.

وتضاعف العقوبة إذا ارتكبت الأفعال المنصوص عليها بالفقرة الأولى من هذا الفصل بمقابل.

الفصل 6:

يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام وبخطية قدرها خمسون ألف دينار، كل شخص ليست له صفة في مسك أو استعمال أو حفظ أو تداول سر من أسرار الأمن الوطني على معنى الفصل 4 من هذا القانون، تعمد بحسب الحال إما الاستيلاء عليه أو النفاذ إليه أو الاطلاع عليه أو إتلافه أو نسخه أو إفشائه أو تغييره.
وتضاعف العقوبة إذا ارتكبت الأفعال المنصوص عليها بالفقرة الأولى من هذا الفصل بمقابل.

الفصل 7:

يخضع لترخيص مسبق من السلطة المختصة كل استعمال لآلات التصوير والتصوير السينمائي والأجهزة الهاتفية وآلات التسجيل وأجهزة الاستقبال الإذاعي أو التلفزي داخل المنشآت الأمنية أو العسكرية أو في مواقع العمليات الأمنية أو العسكرية أو بالعربات أو على متن الوحدات البحرية أو الجوية التابعة للقوات المسلحة.
كما يخضع لترخيص مسبق من السلطة المختصة كل نشر أو إحالة للأفلام أو الصور أو التسجيلات المصورة أو الصوتية التي تتم داخل المنشآت الأمنية أو العسكرية أو في مواقع العمليات الأمنية أو العسكرية أو بالعربات أو على متن الوحدات البحرية أو الجوية التابعة للقوات المسلحة.

الفصل 8:

يعاقب بالسجن من شهرين إلى سنتين كل من تعمد مخالفة أحكام الفصل 7 من هذا القانون.
والمحاولة موجبة للعقاب.

الفصل 9:

لا تنطبق أحكام الفصل 53 من المجلة الجزائية على العقوبات المنصوص عليها بالفصلين 5 و6 من هذا القانون.

الباب الثالث
الاعتداء على القوات المسلحة
والمقرات والمنشآت والتجهيزات الموضوعة في تصرفها
أو تحت حمايتها أو رقابتها

الفصل 10:

يعاقب بالسجن مدة عام واحد وبخطية قدرها خمسة آلاف دينار كل من تعمد، دون ترخيص من السلطة المختصة، الدخول إلى مباني غير مفتوحة للعموم أو النفاذ إلى تجهيزات أو عربات أو آليات بريّة أو بحرية أو جوية أو أراض أو مناطق بحرية مسيّجة أو غير مسيجة أو مميزة بعلامة كتابية ظاهرة، مخصصة للقوات المسلحة أو موضوعة تحت حمايتها أو رقابتها.
والمحاولة موجبة للعقاب.

الفصل 11:

يعاقب بالسجن مدة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها خمسة عشر ألف دينار كل من تعمد، بقصد الإضرار بالأمن العام، تعطيل السير العادي للمصالح والمؤسسات والمنشآت التابعة للقوات المسلحة بأي وجه من الوجوه.

الفصل 12:

يعاقب بالسجن مدة عامين وبخطية قدرها عشرة آلاف دينار كل من تعمد تحقير القوات المسلحة بقصد الإضرار بالأمن العام.

الفصل 13:

يعاقب بالسجن بقية العمر كل من تعمّد حرق أو هدم مقر أو مخزن أسلحة أو ذخيرة أو حرق أو تحطيم عربة أو آلية تابعة للقوات المسلحة بقصد الإضرار بالأمن العام.
ويعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام وبخطية قدرها خمسون ألف دينار كل من تعمد الاستيلاء على أسلحة أو ذخيرة أو تجهيزات أو معدات أمنية مهما كان نوعها أو وثائق أو أي أشياء أخرى بعهدة القوات المسلحة، أو إتلافها بقصد الإضرار بالأمن العام.

الفصل 14:

يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام وبخطية قدرها خمسون ألف دينار، كل من شارك، ضمن جمع غير مسلح، في الاعتداء على مقرات تابعة للقوات المسلحة أو أماكن احتفاظ أو إيقاف أو سجن لتسهيل أو إيقاع فرار محتفظ به أو موقوف أو سجين.

وتُضاعف العقوبة إذا كان ضمن الجمع من يحمل سلاحا ظاهرا أو خفيّا أو إذا نتجت عن الاعتداء أضرار بدنية لعون من أعوان القوات المسلحة، تسببت له في بتر عضو أو في عجز مستمر.
وتكون العقوبة بالسجن بقية العمر إذا نتج عن الاعتداء موت.

الباب الرابع
الاعتداء على أعوان القوات المسلحة
وذويهم وعلى محال سكنى هؤلاء الأعوان ووسائل تنقلهم

الفصل 15:

يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها خمسة وعشرون ألف دينار كل من هدّد بارتكاب جناية أو جنحة في حق عون من أعوان القوات المسلحة أثناء مباشرته لوظيفته أو بمناسبتها أو هدّد قرينه أو أحد أصوله أو فروعه أو أحدا ممن هم في كفالته قانونا وذلك بسبب آدائه لمهامه أو لمجرد صفته.
تُضاعف العقوبة إذا كان القصد من التهديد إجبار عون القوات المسلحة على القيام بفعل من علائق وظيفته أو مهمته أو تركه أو على أن يتجاوز سلطته.

الفصل 16:

يعاقب بالسجن مدة ستة أعوام وبخطية قدرها ثلاثون ألف دينار كل من اعتدى على محل سكنى عون القوات المسلحة أو على محتوياته أو على وسيلة تنقله، سواء بإفسادها أو بإتلافها، بقصد التأثير على سلوكه في ممارسته لوظيفته أو مهمته أو للتشفي منه بسبب أدائه لهذه المهام.

وتُرفع العقوبة بالسجن إلى عشرين عاما والخطية إلى مائة ألف دينار إذا نتج عن الاعتداء المنصوص عليه بالفقرة الأولى من هذا الفصل، بتر عضو أو عجز مستمر لعون القوات المسلحة أو لقرينه أو أحد أصوله أو فروعه أو أحدا ممن هم في كفالته قانونا.
وتكون العقوبة بالسجن بقية العمر إذا نتج عن الاعتداء موت.

الفصل 17:

تتكفل الدولة بجبر الأضرار المادية اللاحقة بمحل سكنى عون القوات المسلحة أو بمحتوياته أو بوسيلة تنقله، نتيجة الاعتداء المنصوص عليه بالفصل 16 من هذا القانون وتحل الدولة محله في المطالبة باسترجاع قيمة التعويضات من مرتكب الاعتداء.

الباب الخامس
أحكام مختلفة

الفصل 18:

لا تترتب أية مسؤولية جزائية على عون القوات المسلحة الذي تسبب، عند دفعه لأحد الاعتداءات التي تتكون منها الجرائم المنصوص عليها بالفصول 13 و14 و16 من هذا القانون، في إصابة المعتدي أو في موته، إذا كان هذا الفعل ضروريا لبلوغ الهدف المشروع المطلوب تحقيقه حماية للأرواح أو الممتلكات، وكانت الوسائل المستخدمة هي الوحيدة الكفيلة برد الاعتداء وكان الرد متناسبا مع خطورته.

الفصل 19:

لا تحول العقوبات المقررة بهذا القانون دون تطبيق العقوبات الأشد الواردة بالمجلة الجزائية وبغيرها من النصوص الخاصة الجاري بها العمل.

الفصل 20:

يمكن الحكم بإحدى أو ببعض العقوبات التكميلية المنصوص عليها بالفصل 5 من المجلة الجزائية.

20030

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى