تقرير أنا يقظ- قد يكون من الاجحاف عدم استحسان حزمة الإجراءات التي اتخذتها حكومة يوسف الشاهد في حربها المعلنة على لوبيات الفساد، خاصة بعد حملة الايقافات التي طالت عددا من الضالعين في شتى أنواع الفساد المالي وفي التهريب والهرب الجبائي وغيرها من الجرائم المالية التي باتت تهدد اركان الدولة. ورغم ذلك لا يزال في انتظار مختلف الفاعلين في السلطة العديد من الملفات التي يتعين مباشرته بجدية وجولات ينبغي خوضها بجرأة وجبهات لا مناص من ادارتها بعمق وحزم ومسؤولية. أحد ابرز الملفات التي تنتظر الحسم هو ملف الجرائم المالية والجزائية المرتكبة من قبل المئات من الضالعين في الفساد قبل الثورة.
وفي هذا السياق حصلت منظمة انا يقظ على قائمة اسمية لما لا يقل عن 300 شخصا معنيين بمصادرة املاكهم دون ان تتجرأ اية حكومة ابان الثورة بمصادرة ما حصلوا عليه سواء عبر نهب المال العام أو إستغلال نفوذهم ومناصبهم لغنم منافع شخصية أو تفويتهم في مملكات عمومية أو الانتفاع بقروض من بنوك عمومية دون وجه حق..
وتفيد نفس الوثائق الى توفر كل من وزارة الداخلية ووزارة المالية والبنك المركزي ومؤسسة المكلف العام بنزاعات الدولة والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد على قائمات اسمية للمئات من الأشخاص غير المذكورين بالمرسوم عدد 13 لسنة 2011 والمنشورة ضدهم قضايا جزائية ومالية.
وقد تضمن نفس المرسوم الصادر في 14 مارس 2011 قائمة اسمية لـ112 شخصا الذين تمت ” مصادرة جميع اموالهم المنقولة والعقارية والحقوق المكتسبة بعد 7 نوفمبر 2011 والراجعة للرئيس السابق للجمهورية التونسية زين العابدين بن الحاج حمدة حسن بن علي وزوجته ليلى بنت محمد بن رحومة الطرابلسي وبقية الأشخاص من يثبت حصولهم على أموال منقولة أو عقارية او حقوق جراء علاقتهم بعائلة الرئيس”، وفق الفصل الأول من هذا المرسوم.
واذا ما ربطنا القائمة الاسمية للأشخاص غير المصادرة املاكهم بما تضمنه المرسوم عدد 13 هو عدم تحرك الحكومات في اتجاه اثبات حصول هؤلاء الأشخاص الاخرين على أموال بطرق غير قانونية او لنقل عدم جديتها في التعامل مع هذا الملف.
لا غرابة اذن ان نجد المئات من اقراب الرئيس الفار بن علي واصهاره واعمدة نظامه ووزرائه وبعض النقابيين والقضاة ورجال الاعمال وغيرهم ممن تعلقت بهم قضايا جزائية ومالية غير مشمولين بمصادرة املاكهم لأسباب عدة لهل أهمها:
1 غياب الإرادة السياسية الجادة في الحسم في قضايا الفساد المالي والإداري، سواء عبر عرقلة السلطة القضائية ومحاولة تركيعها او عدم توفير الإمكانيات البشرية واللوجستية الضرورية للقضاة للبت في هذ القضايا او عدم اصلاح القضاء او عدم اصدار القوانين التكميلية لتفعيل القطب القضائي المالي.
2 عدم المضي جديا في مسار العدالة الانتقالية الذي ينبني على كشف حقيقة الفساد المالي والإداري الذي جثم على الإدارة التونسية وعلى الاقتصاد ومحاسبة الضالعين وجبر الضرر للمتضررين (بما فيهم الدولة التونسية) واسترجاع ما نهب من خزينة الدولة وتكريس المصالحة الشاملة.
3 سعي بعض الأحزاب الحاكمة الى ابتزاز الضالعين في الفساد المالي والإداري والاستفادة مع تأجيل الحسم في ملفاتهم
4 عدم توفير الدعم المالي واللوجستي والبشري الكافي للهيئة الوطنية للمكافحة الفساد
5 التأخر الكبير في سن ترسانة قانونية رادعة لمختلف أوجه الفساد على غرار جرائم تضارب المصالح والاثراء غير المشروع والارتشاء واستغلال النفوذ لتحقيق منافع شخصية او للغير والتهرب الضريبي وتهريب الأموال..
وبعيدا عن الحكم على النوايا، تبقى حكومة يوسف الشاهد التي أعلنت الحرب على قلة من الفاسدين الا تقتصر فقط على بعض الأسماء بل تعمل على تطبيق القانون ومساعدة القضاة في التسريع في البت في مختلف القضايا والابتعاد عن الانتقائية في التصدي لمافيات التهريب والنهب الممنهج للاموال العمومية، حتى لا تكون حملة الايقافات الأخيرة مجرد استعراض فولكلوري لامتصاص الغضب الشعبي الذي ما فتئ يستشري في اكثر من مدينة..
في ما يلي القائمة الكاملة للاشخاص المعنيين بمصادرة املاكهم في انتظار البت في قضاياهم: