free page hit counter
تونسوطنية

الصَّفقات العمُوميّة… شُبُهات فَسَاد : الأحذية العسكرية Brodequins… البدلات القتالية tenues de combats … الأغطية وتوابعها…

    قال الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات وهو محاصر في رام الله:” يَا جَبلْ مَا يِهِزّك ريحْ.”… من السّجن أُعاود نشر هذا المقال الذي اعْتُقلتُ لأجله، إرضاء لمافيات الفساد التي تنخُر جسم الدولة… ها أنا جبلٌ أواجه رياح الفساد وحملات التشويه والانتقام لأجل وطن منهوب… 

 حين سقط نظام بن علي أثيرت آلاف القضايا التي تتعلق بالفساد المالي لرجال أعمال وسياسيين وإداريين، كانت ملفات حارقة ومؤلمة… ماذا عن الفساد بعد  14 جانفي ؟

    إن كل المؤشرات في الداخل والخارج، تؤكد أن مستوى الفساد قد ارتفع بشكل مفزع، وبات يتهدد كيان الدولة… والحال تلك، فان صحيفة الثورة نيوز وبحكم اختصاصها في محاربة الفساد والتشهير بالفاسدين أولئك الذين ينهبون المال العام، تتجرأ عليهم بدافع الغيرة على الوطن، رغم أننا وَاعُون تماما بمخاطر كشف الحقيقة، وضريبة مواجهة مافيات السياسة والمال والإعلام.

  ونحن نفصل تماما في ما ننشره بين مؤسسة الجيش الوطني الحامل للزيّ ونعتبرها مؤسسة مقدسة عندنا، وبين الإطار المدني الملحق بالوزارة والذي يشرف على تصريف الشؤون الإدارية والمالية لوزارة الدفاع، ونعتبره إطارا مدنيا قابلا للنقد، وقابلا للتقصّي فيه عن شبهات الفساد.

ونحن نعرض في هذا المقال 3 نماذج لصفقات عمومية، ترشح فيها شبهات محاباة ومحسوبية وفساد.  

 

  1- صفقة الأغطية الصوفية وتوابعها: 

  شرعت جريدة الثورة نيوز في البحث والتقصّي عن موضوع هذه الصفقة بعد أن تناهى إلى علمها من مصادر موثوقة، إمكانية وجود شبهات فساد ومحاباة ومحسوبية في مناقصة لوزارة الداخلية.

 فقد فازت بهذه الصفقة شركة Société Général d’Equipements et Dérives ، ذات العلامة التجارية SGHD  

  وتبيّن أن وكيلها هو رجل أعمال تونسي يدعى “موسى بن أحمد”، وقد أسّس الرجل في تاريخ 24 أفريل 2014  شركة الشخص الواحد ذات المسؤوليّة المحدودة  (SURL) تحمل التسمية التجارية:

   SOCIETE GENERAL SECURITY EQUIPMENT CONSULTING

    علامتها التجارية المختصرة هو:  (GSEC)

    عدد معرّفها الجبائي: 1347810H 

    عدد سجلها التجاري:  B0188042014

    رأس مالها: 10000 دينار 

    عنوانها: مكتب عدد 25 بعمارة Titanium بضفاف البحيرة  2 بالعاصمة

    نشاطها: خدمات الدّراسة والاستشارات Etude de consulting

  

  وبعد سبعة أشهر فقط أسس المدعوّ “موسى بن أحمد” شركة ثانية تحمل نفس التّسمية التجاريّة في تاريخ 27 نوفمبر 2014. اسمها التجاري هو:

 General Security Equipements Consulting

     وكيلها:   موسى بن أحمد

    عنوانها:  مكتب عدد 25 بعمارة Titanium بضفاف البحيرة  2 بالعاصمة

    رأس مالها 150 ألف دينار 

    الشّركة SARL أي شركة ذات مسؤولية محدودة 

   نشاطها: التّجارة الدّولية Commerce international 

   عدد سجلّها التّجاري الأولي D0135202014

    لماذا بعث المدعو “موسى بن أحمد” شركتين تحملان نفس التّسمية GSEC وبمعرّف جبائي MF مغاير وبسجّل تجاري RC مختلف ؟

  ما يثير الريبة أنه وفي تاريخ 21 نوفمبر 2014 تغير اسم الشّركة الأولى من GSEC  إلى التسمية جديدة  SGHD

Société Général d’Equipements et Dérives

  وقد تغير نشاط الشركة من الدّراسة والاستشارات  إلى تجارة الجملة لمختلف المواد Vente en gros des produits divers 

  والغريب أن الشركتين المذكورتين لم تمارسا أي نشاط تجاري سابق يمكن ذكره، ويبدو أنهما بعثتا خصيصا للمشاركة في مناقصات عمومية محددة. 

  وفي أواخر  شهر مارس لسنة 2015 أعلنت وزارة الدّاخلية عن طلب عروض متأكد يحمل عدد 15/2015 لتجهيز المبيتات والثّكنات بكميّة من الأعلام والأغطية الصوفية والوسادات والملاحف والحشايا اللّولبية والأغلفة.

   وحيث أن القوانين المنظمة للصفقات العمومية قبل سنة 2014 كانت تشترط على المؤسسات المشاركة في المناقصات العمومية، ضرورة الاستظهار بما يثبت وجود خبرة كافية للمؤسسة في موضوع المناقصة، غير أن رئيس الحكومة السابق “المهدي جمعة” قد أذن بتغيير تلك القوانين الصارمة، وهي من الأخطاء القاتلة التي اقترفتها حكومة “المهدي جمعة”، بتعلّة تسهيل المعاملات الإدارية، وأصدر رئيس الحكومة أمرا في ذلك يسمح للمؤسسات حديثة النشأة بالمشاركة في طلبات العروض وفقا لمقتضيات الأمر عدد 1039 لسنة 2014 المؤرخ في 13 مارس 2014 والمتعلّق بأحكام خاصّة لتنظيم الصّفقات العموميّة، مما سمح لشركة “موسى بن احمد” بالمشاركة في طلب العروض.

المهدي جمعة

 وقد حدّدت وزارة الداخلية  آخر أجل لتقديم العروض الماليّة والفنيّة مع عيّنة من كلّ مادة يوم 10 افريل 2015 .

موسى بن احمد

  وخلال شهر ماي 2015 انتهت نتائج طلب العروض إلى إعلان فوز شركة GSEC  لصاحبها “موسى بن احمد”، بصفقة وزارة الداخلية في الأغطية الصّوفية   couvertures d’hiver بقيمة 400 ألف دينار لعدد11800  غطاء، وقد تقرّر ذلك في غياب النّماذجÉchantillons في مخالفة للقانون وتم ترجيح كفّة شركةGSEC على حساب بقيّة العارضين، ممّا أثار شكوكا حول قدرة شركة حديثة التأسيس وبلا خبرة، على المنافسة والفوز بالمناقصة في أول تجربة لها.

   المعلومات الشّحيحة التي بحوزة الثورة نيوز تؤكد أن صاحب الشّركة الفائزة GSEC  المدعوّ “موسى بن أحمد” ،كان قد استعان  بخدمات عقيد متقاعد حديثا من الجيش الوطني، كان يشغل في السّابق خطة رئيس مصلحة بالإدارة العامّة للباس والتّموين:DIRECTION GENERALE DE L’HABILLEMENT ET DES SUBSISTANCES بالقاعدة العسكريّة بقصر السعيد ، يدعى “رمضان التيمومي”، وقد انتدبه وعيّنه مديرا بشركته، في حين أن قانون لجان الصفقات يفرض على الضّابط المتقاعد بأن يبتعد عن نشاط الإكساء واللّباس مع مصالح وزارة الدّفاع ووزارة الدّاخلية على الأقلّ لمدّة 5 سنوات، بحكم عضويته وعلاقاته السابقة في لجان الفرز وإسناد الصفقات .

  ولمزيد التحرّي قامت الثورة نيوز بتنزيل اسم “رمضان التّيمومي” RomdhanTimoumi على محرّك البحث غوغل   Moteur de recherche Google ، للبحث عنه، فأوصلنا المحرّك إلى الموقع المعروف في مجال البزنس “لينكدين“linkedin  لنتأكّد من أنّ العقيد المتقاعد يشغل بالفعل خطّة مدير  بالشّركة الفائزة، إذ جاء على الواصل الإليكتروني التّالي:

https://fr.linkedin.com/in/timoumi-romdhan-772946103?trk=pub-pbmap

  معرفا بالعضو  رمضان التّيمومي كالآتي:RomdhanTimoumi -Directeur chez General Security Equipment  Consulting 

في اختصاص  Logistique et chaîne d’approvisionnement دون مزيد من التّفاصيل عن عمله السّابق .

  والأدهى من ذلك أن الشّركة الفائزة بصفقة الأغطية لم تلجأ إلى الأسواق المحلية للتزود باحتياجاتها، بل اختارت اللّجوء إلى التّوريد وفي ذلك تبديد لمدخّرات البلاد من العملة الصّعبة، وحرمان لمصانع الأغطية التونسيّة من تحصيل منافع  تمكنها من المحافظة على طاقتها التّشغيلية الدّنيا في ظروف اقتصادية كارثية.

  وتؤكد مصادرنا أنّ صاحب الشّركة وبحكم إصراره على تحقيق أعلى ربح ممكن لجأ إلى السّوق الصّينية ليتزوّد منها بالبضاعة المطلوبة بتكلفة مالية منخفضة، دون احترام شروط السلامة والصحة والجودة ، وقد استعمل موسى بن احمد شركة تركيّة كواجهة وتحصل منها على فواتير وهميّة Factures fictives تضمنت بيانات مغلوطة من ناحية النوعيّة والكميّة  Qualitatif et quantitatif ، وليغالط كذلك المصالح الدّيوانية من ناحية المعاليم القمرقيّة المستوجبة Droits de douane  ومن ناحية منشأ البضاعة Certificat d’origine الذي تغيّر من صنع في الصّينMade in China  إلى صنع في تركيا Made In Turkey..

2 – صفقة الأحذية العسكرية :  Brodequins

Brodequins Marché numéro 2009/2015 / CM/ MDN du 21 /08/2015 pour la fourniture des brodequins (22000 brodequins) montant du marché 1.8 million de dinars ….  Avenant au dit marché d’une même quantité 22000

   

  قد يبدو الحذاء شيئا معدوم القيمة بالنسبة إلى البعض، غير انه يمتلك قيمته بالنسبة إلى العسكري الذي يقضي ساعات وأياما طويلة وهو مقيّد القدمين في حذاء، في الحراسة أو في التدريب أو ممشّطا للجبال والصحارى، وقد يكون هذا الحذاء سببا في الأمراض الجلدية بما يؤثر على جاهزية الجندي المقاتل… بل ان بعض التقارير بخصوص معركة بن قردان أثناء الهجوم الإرهابي الفاشل، تحدثت عن جنود من جيشنا الباسل يفتقدون إلى أحذية عسكرية… كانوا حفاة.

  وخلال سنة 2015 كلفت شركة GSEC المسمّاة “زهرة ورديان” بتمثيلها خلال المفاوضات المباشرة مع المصالح المعنيّة بوزارة الدفاع، وتوارى شخص “رمضان التيمومي” خلف المكاتب، ويبدو انه كان مدعوما بطرف فاعل ومؤثر. 

  وفازت شركةGSEC  المملوكة لرجل الأعمال “موسى بن أحمد” بصفقة تزويد الجيش الوطني بعدد 55000 حذاء عسكري  Brodequins في أول مشاركة لها في مجال الأحذية العسكرية، في طلب عروض عدد 2009/2015 وسط ذهول للشركات المنافسة… كان فوزا سريعا وثابتا.

  في الأثناء تحول مسؤولان من الإدارة العامّة للباس والتّموين DGHS إلى الصّين لزيارة المصنع الصيني ومراقبة أطوار الصّنع وتقديم تقرير في جودة وسلامة البضاعة موضوع الصّفقة.

  والغريب أن وزارة الدفاع قد طلبت من الشركة الفائزة بالصفقة طلبيّة إضافيّةAvenant marché   ب 22000حذاء عسكري، وهو طلب مخالف للإجراءات القانونية في إبرام الصفقات العمومية، إذ تنصّ التّراتيب الإدارية على انه بإمكان الإدارة أن تطلب من المزود الفائز بالصفقة طلبيّة إضافية على أن لا تتجاوز نسبة 20 بالمائة من قيمة الصفقة المبرمة.

  وقد قامت الشركة الفائزة بتوريد تلك الأحذية العسكريّة من الصّين، بأثمان زهيدة من أجل تحقيق ربح أكبر، ممّا يمسّ قطعا من جودة البضاعة، ومن مطابقتها لشروط المناقصة، ومن مواصفات الأحذية من الناحية الصحية، وكان الأجدر أن يفرض على المزود  توفير الأحذية من المصانع التونسية المختصة في قطاع الأحذية، خاصة أنها تعاني من أزمة اقتصادية خانقة وتحتاج إلى دعم الدولة… أين الرؤية الوطنية في انجاز الصفقات العمومية ؟

   

 

 3 – صفقة البدلات القتالية : 

   توصلت صحيفة الثورة نيوز إلى معلومات تفيد بأن صفقة البدلات القتاليّة العسكريّة  Tenues de combat  40 ألف “كُومْبا” لفائدة وزارة الداخلية قد فازت بها وعلى خلاف كلّ التوقّعات شركة مختصّة في صناعة ملابس الأطفال. 

Pantalons – Vêtements pour enfants

       عنوانها: نهج الأردن بدار شعبان الفهري 

       اسمها التجاريّ:  CROWN EAST NORTH AFRICA 

       رأس مالها: 10000 يورو €   وتأسّست سنة 2007 

       وكيلها: عمر مليكة

       معرّفها الجبائي   1029394R

  وما يثير الانتباه في هذه الصفقة أنها أسندت إلى مؤسسة لا خبرة لها في خياطة الملابس العسكرية، وأنها قد شاركت لأول مرة  في مناقصات وزارة الدفاع ، والأغرب كذلك أن المبلغ المالي للصفقة مرتفع جدا، إذ قارب 7 ملايين دينار أي بمعدّل 180 دينار للبدلة الواحدة ؟  أي ثلاثة أضعاف الأسعار المعمول بها في الأسواق الدّاخلية والخارجيّة على حدّ سواء. 

  في ظرف وجيز وفي غياب حقّ النّفاذ إلى المعلومة لم يتمكن الفريق الصحفي للثورة نيوز من إجراء عمليّات جرد ومراجعة وتدقيق في مئات طلبيات العروض Appelsd’offres وآلاف الاستشارات  Consultations  الصّادرة عن وزارتي الدّفاع والدّاخلية .

 

  من هو المسؤول عن انجاز هذه الصفقات ؟

   كانت الثورة نيوز قد نشرت هذا المقال في العدد 167 في تاريخ (18 مارس2016) ، فقام شوقي الطبيب رئيس هيئة مكافحة الفساد بتحريك دعاوى قضائية ضد الصحيفة،وطالب القضاء العسكري بإحياء فصول مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية وإعلان دفن المرسوم 115 المنظم لحرية الصحافة والطباعة والنشر، تصفية لخصوماته الشخصية ضد الثورة نيوز.

  وعوض أن تعمد هيئة مكافحة الفساد إلى فتح تحقيق حول شبهات الفساد في تلك الصفقات العمومية، قام شوقي الطبيب مستغلا منصبه بمعاقبة من بلّغ عن شبهات الفساد ووفر حماية للمشتبه بهم.  

  وحيث إن السيد “سامي المحمدي” مدير ديوان وزير الدفاع والذي شغل لسنوات خطة مدير عام بالإدارة المالية المركزية DAC، والتي ترأسها في خطة مدير عام سنة 2009 خلفا لجمال الشريقي ، سطع نجمه مع تعيينه سنة 2012 مديرا للديوان، باعتباره ملما بجزء هام من أعمال الوزارة وهو الشأن الإداري والمالي، ولا يزال يشغل ذات الخطة، وهذا الرجل يعتبر صاحب المسؤولية المباشرة عن إتمام جميع الصفقات، لذلك فقد قام بتحريض القضاء العسكري من اجل إسكات صوت الثورة نيوز.

  وقد استغلّ الإطار المدني مدير ديوان وزير الدفاع “سامي المحمدي” نفوذه وسطوته داخل وزارة الدفاع، وترأس اجتماعا حضره مدير القضاء العسكري، وأمر بتنفيذ تعليماته  بإيقاف صاحب جريدة الثورة نيوز، بتحريض من زميله في الدراسة وصديقه شوقي طبيب رئيس هيئة “تكريس” الفساد… رغم أن المقالات المنشورة مضى على بعضها أكثر من سنتين، وهي لم تثلب أبدا المؤسسة العسكرية المقدسة في قلوبنا، وإنما كشفت عن شبهات فساد أنجزها مدنيون ملحقون بالوزارة.

سامي المحمدي

  والصحيفة تعيد نشره الآن، وذلك لإنارة الرأي العام حول ملف القضية، ونشرا للحقيقة وتحديّا لسياسات الاستبداد  ومصادرة الحريات،  وتمسكا بالمرسوم عدد 115، وتنديدا بالنصوص القمعية في مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية التي تريد مافيا الفساد إحياءها، هذه النصوص التي تستخدمها لوبيات مالية مورطة في الفساد وفي التلاعب بالصفقات العمومية من أجل التنكيل بالصحافة الاستقصائية.

المصدر:الثورة نيوز

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى