free page hit counter
إقتصادتونس

البضائع التركية في تونس وقانون مالية 2019 ؟

البضائع التركية في تونس وقانون مالية 2019 ؟

طلعت علينا حكومة الاكتشافات والحلول العظيمة في مشروع قانون مالية 2018 ببدعة سياسية اقتصادية لم يسبق لها مثيل، كنوع من أنواع معالجة العجز الفادح في الميزان التجاري الذي تعاني منه البلاد منذ سنوات وعقود. وهو تسليط معاليم ديوانية استثنائية على السلع التركية الموردة لتونس للضغط على عمليات توريدها وإعلان قائمة بالمواد التي تشملها إجراءات مماثلة تخص المستوردات الغير ضرورية للاقتصاد التونسي.

وكالعادة جاء إجراء الحكومة الذي تم عرضه على البرلمان بطلب من كتلة حزب الفضائح الحاكم المنحل “نداء توعس” الذي سبقه هو الآخر حملة إعلامية من بعض القنوات والجرائد والأبواق والخبراء المأجورين والمشكوك في نزاهتهم.. مثل قناة الحوار التونسي التابعة للمخابرات الفرنسة وقناة نسمة المسيطر عليها من المخابرات الإيطالية (25 بالمئة تعود لبرلسكوني رئيس الوزراء الإيطالي) والمخابرات الجزائرية.. وغيرها من وسائل إعلام الأجندات ومغالطة الرأي العام التونسي.

حتى وصل بمحلل (من المفروض أن يحلل على الزطلة والمخدرات) بقناة نسمة وهو الصحفي وليد الفرشيشي أن قال في إحدى البرامج أن حوادث الطرقات كثرت في تونس بسبب السلع التركية لأنه يتم توريد إطارات سيارات من تركيا !! وكذلك تخصيص حلقة غريبة جدا من برنامج لمن يجرؤ فقط لصاحبه المنشط الممشط حمزة البلومي استضاف فيها خبير الجوسسة وتبييض الأموال معز الجودري للحديث عن “القلوب التركية البيضاء” مع أن الموضوع لا علاقة له بالجرأة تماما !! إلا إذا كانت الجرأة على الخروج عن موضوع البرنامج وصبغته الأصلية مقابل أشياء أخرى وهي خدمة أجندات الأسياد..

بل أتعس من ذلك ما تم بثه الموسم الفارط من باب الضغط وخطة اللوبي المالي المتفرنس ، في برنامج الحوار التونسي 24/7 من مداخلة غير عادية لغراب القناة لطفي العماري الذي نادى بضرورة الغاء الاتفاقية التجارية مع تركيا بل ومحاكمة كل من ساهم فيها بتهمة الخيانة العظمى ؟؟ (يبدو أنه لا يسمع شيئا عن العجز مع الصين المرتبة 1 والعجز مع إيطاليا المرتبة 2 وكذلك روسيا المرتبة 4 ..) ما دفع صاحبه بو غلاب لمعارضته من باب الحد من المبالغة القصوى التي وقع فيها العماري والتي يمكن أن تكشف أسرار مثل تلك المواقف الحادة..

هذه المواقف الغريبة والحادة و”المأجورة” لا تدع مجالا للشك بوقوف أطراف معينة خلفها تبين سريعا أنها جهات أجنبية بعمالة داخلية تعمل على حماية سوق الأسياد الفرنسيين والإيطاليين خاصة والغرب عموما وضمان عدم تقلص مساحتها لا لصالح دول أخرى وخاصة شقيقة مثل تركيا أو حتى لصالح الإنتاج الوطني والسوق المحلية.
والسؤال الملح الآن.. ونحن مقبلون على سنة جديدة هو ماذا بعد ذلك الإجراء المهزلة الذي قامت به الحكومة وكيف كان تأثيره؟؟

هل تقلص عجز الميزان التجاري التونسي؟ هل تم حلحلة مشكل التصدير والتجارة الخارجية؟ طبعا لا بل آخر المعطيات تؤشر على تفاقم العجز التونسي التجاري بسبب نفس العوامل ما يعني أن الإجراء الذي قامت به الحكومة ليس إلا إعلان سوء نية على دولة شقيقة ما انفكت تساعد تونس في أزماتها ؟

والسبب واضح وهو أن الموازنة التجارية مع تركيا ليست كبيرة والعجز معها لا يمثل خطرا مقارنة بالتجارة مع الصين وروسيا وإيطاليا وفرنسا.. على وجه الخصوص.
ثم إن الحلول لا تكون بمنع بضائع دولة معينة بل الحلول الحقيقية تكون بدعم الإنتاج والتصدير المحليين والجودة وتفريغ الساحة من السماسرة ولوبيات الفساد التي نخرت كل القطاعات..

والآن ونحن مقبلون على سنة جديدة والحكومة بصدد إعداد مشروق قانون ميزانية جديد.. هل ستسلط الحكومة معاليم ديوانية إضافية على السلع الإيطالية أو الفرنسية والأوروبية عموما أو هل تجد حلا للسلع الصينية التي تحتل المركز الأول دون حتى أن تكون للبلاد اتفاقية مع الصين تجارية؟؟ طبعا لن تجرِؤ حكومة مقاومة الفساد على ذلك.. بل هي تجهز للإمضاء على اتفاقية الموت الرحيم للاقتصاد التونسي “الأليكا” للتجارة الشاملة والمعمقة مع تونس ما سيفتح المجال أمام قطاعي الخدمات والفلاحة بينما يعاني الدينار من أزمة غير مسبوقة منذ عقود..

المشكل الحقيقي ليس في المشكل بذاته بقدر ماهو في القائدين والمتصدرين لحل هذا المشكل.. ففاقد الشيء لا يعطيه.
واللبيب من الإشارة يفهم.

image

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى