free page hit counter
تونسوطنية

الارهابيون والمهرّبون يدفعون نحو إفراغ المدن من الأمن:مؤامرة في الجنوب؟

تطرح بعض التحركات الاحتجاجية، خاصة ذات الطابع الجهوي، من حين الى آخر مطلب اخراج الأمن من المدينة، ليعوّضه الجيش، فهل لهذا المطلب ما يبرّره أم أنّ له استتباعات قد لا يعلمها من يرفعها ولكن من يقف وراءها يدرك جيّدا مغزاها والغاية منها ؟

تونس (الشروق)
آخر هذه المطالب شهدتها مدينة ذهيبة، وقبلها مدينة الحامة في ديسمبر الماضي عشية الانتخابات الرئاسية، وقبلها بعض المدن الأخرى.
هذا المطلب يأتي تحت عنوان رفض السلوك البوليسي القمعي لقوات الأمن والدعوة لتعويضها بالجيش نظرا لما يُحظى به من ثقة واحترام كبيرين من التونسيين.
أصبحت بعض المدن تشهد تحركات احتجاجية ذات طابع جهوي، بمعنى تكون المطالب التي يرفعها المحتجون مرتبطة بقضايا وإشكاليات متعلّقة بتلك الجهة، أو مطلبا احتجاجيا على موقف سياسي مثلما هو الشأن بالنسبة الى ما جرى في مدينة الحامة.
حسب الدستور التونسي الذي تمت المصادقة عليه في 26 جانفي 2014 وحسب كل القوانين والأعراف فانّ حق الجماهير في التظاهر السلمي مضمون، وفي صورة خروج تلك المظاهرات عن اطارها السلمي يمكن للسلطة استعمال القوّة العامة لفرض احترام القانون واستقرار الأمن، والدولة في هذا الباب هي الوحيدة التي تحتكر شرعية استعمال العنف، مثلما يقول عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر (Max Weber) ولا يحق لأي جهة أخرى استعماله، الاّ أنّ تطوّر المفاهيم السياسية ارتبط تاريخيا بتطور ما يسمّى بالمفاهيم الحقوقية، وأصبح الحق الذي تمتلكه الدولة في ممارسة العنف محدّدا بقيم وضوابط وقوانين، اذ ليس بامكان قوات الأمن المرور مباشرة الى تفريق الجماهير بالقوة، وتم ايجاد مراحل اجرائية مثل التفاوض والتنبيه والتحذير، وفي صورة وجود ضرورة فان العنف لا يتجاوز حدودا معينة والاّ سمي افراطا في استعمال العنف.
لكن من جهة أخرى، فإنّ كل التصورات السياسية والحقوقية والقوانين تبيح واجب قوات الأمن في حماية مقراتها الأمنية وفي حماية الاسلحة التي في حوزتها، وهو ما يمكّنها من اللجوء الى استعمال القوة التي قد تصل في أقصى وأقسى مراحلها الى اطلاق الرصاص مع ضرورة تجنب الاصابات القاتلة، الاّ في حالة المواجهة المسلّحة.
في مقابل ذلك، وفي صورة استعمال السلطة للعنف ضد المتظاهرين، والافراط في استعماله الى حدّ القتل، هل يعني ذلك المطالبة بإخراج الأمنيين من المدينة وتعويضهم بالجيش؟
الدعوة لخروج قوات الأمن من المدينة، لا يعني غير احداث حالة فراغ أمني، بتلك المدينة، اذ لا يمكن للجيش أن يقوم بنفس الأدوار التي يقوم بها الأمن مثل ملاحقة اللصوص والمجرمين والقيام بدرويات في الأحياء لحماية الأفراد والممتلكات العامة والخاصة، اذ يمكن تتبع الأمنيين الذي افرطوا في استعمال القوة اداريا وقضائيا، لكن الدعوة لإخراجهم من المدينة تحمل أكثر من شبهة، وعادة، تكون مطالب بعض القيادات الجماهيرية انفعالية، مرتبطة بالممارسة العنيفة التي ارتكبتها قوات الأمن، ولكن المطلب لا يخدم غير المستفيدين من اخراج الأمن من المدينة.
اذ عادة بعد ذلك المطلب تتم مهاجمة المقرات الأمنية، وهو أمر لا يستفيد منه من يؤمن بالدولة، وبالتالي بالقانون والديمقراطية، لأنّه لا يمكننا الحديث عن ديمقراطية وقانون خارج اطار الدولة، وهذه الاستفادة تتحقق فقط للارهابيين وبعض المهربين الذين يحققون أرباحا خيالية في ظل غياب الدولة، وهو ما يجعلهم موضوعيا وعضويا يتحالفون مع القوى الارهابية التي تتعامل معهم وتشاركهم الدعوة لتغييب الدولة.
اضافة الى ذلك فانّ انتشار الجيش في المدن، فضلا عن أنّه مؤشر سيّئ يعكس حالة اللاديمقراطية وذهنية الهيمنة العسكرية التي تقود بعض من يطالبون بالانتشار العسكري، هو في الحقيقة بمثابة الفخ، اذ أنّ تدخل الجيش لحفظ الأمن سيجعل الحدود مستباحة، اذ أنّ للجيش دور حماية الوطن بحماية الحدود من امكانيات الهجومات الخارجية خاصة للمجموعات الارهابية في هذه الظرفية بالذات، وبالتالي فان المطالبة بإخراج الأمن وتعويضه بالجيش اثر بعض التظاهرات التي تعرفها بعض المدن لا يعني غير انهاك الجيش وتكليفه بمهام حراسة المغازات والادارت والتصدي للصوص والمجرمين، وهو ما لا يدخل في باب اختصاصه، لأنه اختصاص أمني، بالاضافة الى أنّ الدعوة لتدخل الجيش لا تعني غير فسح المجال لبعض المجموعات الارهابيبة والمهربين عندما تكون الحدود مستباحة، وقد أثبتت التجربة أنّه اثر بعض التحركات التي تستهدف المقرات الأمنية وتطالب بإخراج الأمنيين وتعويضهم بالجيش تمكنت بعض المجموعات الارهابية من التسلل والتحرك.

668_334_1423691338

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى