في مثل هذه اليوم من سنة 2012 خرج أبناء الحواري الفقيرة في ولاية سليانة بالشمال الغربي محتجين على والي حركة النهضة أحمد الزين المحجوبي الذي أمعن في غلق الابواب أمامهم و أسرف في فتحها على مصراعيه لأنصار حركة النهضة فردت عليهم حكومة حمادي الجبالي بوابل من الرش الذي خرّق أجسادهم فأدماها ومزّق غشاء أعينهم فأعماها ، خرجوا مطالبين بنصيبهم من التنمية التي حرموا منها في العصرين البورقيبيوالنوفمبري وظنوا أنهم واجدوها مع حكومة إسلامية شعارها ” كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيتها “ولكنهم خاب ظنهم وعلموا أنه ليس بالإمكان احسن مما كان بل تقينوا أنه بالإمكان أسوأ مما كان . خرجوا ينظرون بعيون تعتصر ألما فعادوا بعيون تعتصر دما …اليوم مرت سنتان على غزوة الرش ولا شيء ينبئ بأن المجرم سينال عقابه وبأن القضاء سيقول كلمته الفصل .
في الوقائع النحسة لوزير الرش
عاشت ولاية سليانة في مثل هذا اليوم من سنة 2012 والأيام التي تلته على وقع أحداث أليمة أشنعها يتلخص في :
– قوات الأمن استخدمت بشكل مكثف ووحشي قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والرش لتفريق المتظاهرين.
– الرأي العام يصطدم بدفاع رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الحبالى عن والي سليانة عندما صرح بأنه لن يقيل الوالي بالرغم من أن التصعيد الذي شهدته الجهة في اليومين الماضيين، وبالرغم من المواجهات عنيفة بين المحتجين وقوات الأمن والتي أسفرت عن سقوط أكثر من 200 جريحا من بينهم أطفال برصاص الرش المحظور.
– أحد عناصر الأمن قام بنزع سرواله أمام مقر الولاية على مرأى ومسمع من أهالي سليانة مرددا ألفظا نابية.
– 22 شخصا ، أصيبوا بالرش في أعينهم، أجروا عمليات جراحية دقيقة على مستوى العينين في مستشفيات بالعاصمة تونس.
– وزارة الصحة تعلن أن اثنين من سكان سليانة فقدا البصر في إحدى العينين جراء إصابتهما بطلقات الرش
غزوة الرش : لنا الفنّ حتى لا يعمينا الرش
يبدو أن حادثة الرش قد دخلت طي النسيان ولن يحتفظ منها الإنسان إلا بما دار حولها من شعر أو أفلام فوحده الفن القادر على القصاص من المجرمين الذين روعوا أبناء سليانة ذات خريف فبين الرواية والشعر والرسم خلدت وستخلد هذه الولاية مأساتها وستلملم جراحها . فقد أخرج ابن سليانة سمير الحرباويشريط وثائقيا سماه ‘سليانة ماذا بعد؟ أو صب الرش’ وعنه قال ” الفيلم عبارة عن مجموعة من أهالي سليانـــة يستحضرون الأحداث التي عاشتها مدينتهم خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2012، وما تركته لديهم من انطباعات وذكريات يمتزج فيها الألم بالغضب”. وترسم هذه الشهادات خيوط ملحمة تحاكي البطولات الشعبية في التصدّي لظلم المستعمر الفرنسي، في معركة جبل برقو سنة 1954..
وإذا كان الحرباوي قد اختار الصورة في تخليد هذه المأساة فإن الشاعر جمال القصو قد اختار الكلمة فأنشد متوجعا متفجعا يقول :
إلي رشكم بالرش الله ارشه يطوال زرعه و تحصده لمحشه
الي رشكم بالرش ماهو راجل يطوال زرعه و تحصده لمناجل
و كل عام تمطر و ما يحوز الماجل و اغب ما يلقش منهو ارشه
إلي رشكم بالرش الله ارشه يطوال زرعه و تحصده لمحشه
***
إلي رشكم بالرش ماهو منّا
بايع وطنا و اهلنا كينّا
زغرد رصاصه في السماء بالغنّه
طلبنا الكرامة يا شعبنا و حاكمنا
الثورة نيوز